الأربعاء، 8 يونيو 2011

التمرد (2) .. الهيئة المصرية لاستيراد الافكار

ردا على سؤال احدى الصديقات : انت ليه مكتبتش من بدري ؟؟ الاجابة بكل بساطة عزيزتي هي انني لم اعتد التزاحم .. و كما اظنك تعلمين انني لست ممن يتهافتون على الانتشار على صفحات اصدقائهم في كل لحظة و حين بكتابات لا تعدو كونها بضع كلمات كتبت فقط من اجل قول جملة سقطت من دستوري منذ امد بعيد "ها انا ذا" .. انا لا اكتب عزيزتي من اجل نيل الاستحسان و ان كنت لا انكر حاجتي للتشجيع من آن لآخر و انما رغبتي الحقيقية في الكتابة تكمن في رغبتي في التعبير عن رأيي في الموضوع الذي اراه مناسبا في الوقت الذي اراه مناسبا.


الهيئة المصرية لاستيراد الافكار

لكل شيء في مصر طابعه الخاص, و لكل حالة في مصر ترادف و معنى يختلف عما تراه في اي من المجتمعات و الأنظمة الاخرى, هكذا هو حالنا من قديم الازل, ففي مصر عبد الناس حاكمهم و اعلنوه اله, و في مصر يسكن اهلها فقط على سدس مساحة الاراضي المصرية, و في مصر انشيء الازهر الشيعي على ارض سنية فصار منهجا ثالثا, و في مصر استطاع شعبا ان يخلع حاكما استقر على حكمه ثلاثون عاما في ثمانية عشر يوما مستعينا فقط بكلمة واحدة : ارحل. في مصر العديد و العديد من النماذج التي من الممكن الاستشهاد بها للتدليل على انها تضفي طابعها الخاص ليس فقط على ما ينبع من اراضيها و عقول ساكنيها و لكن ايضا فيما يمكن استيراده من الخارج, و من ضمن تلك المستوردات: الافكار.
فلقد استطاع المصريون اثبات قوتهم و قدرتهم ليس فقط على تبني الافكار الجديدة بل على الاضافة اليها و التطوير فيها الى حد يقارب "التشويه", و كما جرت العادة علي ان اوضح اولا انني لست في صدد الحديث عن بعض النماذج الايجابية المتوفرة بالفعل في المجتمع المصري, و لكنني ارغب في الاشارة الى ما اراه غالبا على طبيعة الشعب المصري خاصة فيما يتعلق بالطبقة المستحدثة مؤخرا و المعروفة "بالنخبة". تلك النخبة التي لم تظهر على سطح المجتمع المصري الا في اعقاب الثورة التي حاولوا ان ينهلوا منها قدر المستطاع شأنهم شأن الطفيليات التي تتغذي على افرازات جسد ما و مهما اختلف الجسد لا تختلف مهمتهم في التطفل عليه.
و دون الخوض في المقدمات المسترسلة و الدباجات الادبية, اسمحوا لي ان اتجه مباشرة الى شرح بعض النماذج التي تعرفت عليها و عاصرتها شخصيا.


المتأسلمون.


في مقال سابق كتبته قبيل الثورة المصرية – حمل عنوان "المقنعون" – تحدثت عن هؤلاء الذين يتخفون وراء اللحية و الجلباب و معسول الكلام من الايات المقدسة و الاحاديث النبوية مستغلين تلك الصورة النمطية التي ترسخت في اذهان المجتمع, من اجل الوصول الى اهداف و مآرب لا تمت بصلة بما يتظاهرون بأنهم يعتنقوه من مباديء. و لا يختلف الحال حينما نتحدث عمّن يقتحمون المجال السياسي من هؤلاء, و بطبيعة الحال اول ما يقفز الى الاذهان حين الاشارة الى تلك النقطة: جماعة الاخوان المسلمون, فتلك الجماعة التي تتبنى من المباديء الدينية ما يضعها – كما هو مفترض – في مصاف الجماعات الفكرية السامية, لا تتهاون في التبديل بين المباديء و التخلي عن الاسس الفكرية التي تنظمها في سبيل الوصول الى اهدافها المتعلقة بالشأن السياسي, فلدى الجماعة قدرة خارقة على التلون بين حين و اخر عملا بالمبدأ المنتشر في بعض المذاهب و الفرق الاسلامية و المعروف باسم التقية, ذلك المبدا الذي تبنته الجماعة من يوم انشاءها يتيح لها و لاعضائها القدرة على المتاجرة بالفكرة ذاتها من اجل الوصول الى الهدف, عملا لا يختلف عن مبدأ ميكافيللي بتبريره للوسيلة الدنيئة اذا توفر نبل الهدف و هو الامر الذي لا نجد له محلا نصيا في القرآن او السنة (مع العلم ان مبدأ اباحة المحظور حين الاضطرار لا ينطبق على تلك الحالة), و عليه لا يمكننا ان نشعر بالتعجب الشديد حين تتعارض اقوال افراد جماعة الاخوان بعضها البعض او مع المباديء الفكرية التي قامت على اساسها الجماعة من الاصل, فلقد استطاعت الجماعة على مر تواجدها على الساحة ان تضعنا امام نموذجا جليا يوضح لنا ان اعتناق فكرة ما لا يعني الالتزام و العمل بها فعليا في جميع الاحوال.

و من الاصل تنبت الفروع, فلا يختلف سلوك افراد الجماعة في ممارساتهم الخاصة عما تقوم به الجماعة كمؤسسة, فالزيف واحد في الحالتين فعلي سبيل المثال يتحدث الاخوان دوما عن العدالة الاجتماعية و محاولاتهم الدؤوبة لتوفير الحياة الكريمة للمصريين بينما لا يخجلون حين يستغلون ابناء القرى الريفية في مشاريعهم التجارية الخاصة, فيقومون بتجميعهم بطريقة لا تختلف عن تلك التي نراها في الافلام المصرية القديمة التي تتحدث عن مرحلة السخرة ثم تقوم "بشحنهم" الى العاصمة حيث يتم تسكينهم في شقق صغيرة قد لا تتعدى الغرفتين, لا يأخذون نهاية كل شهر سوى بضع جنيهات اذا ارادوا توفير ما يمكن ارساله الى اسرهم لا يكفي ما يتبقى من اجل ابسط سبل المعيشة. و الفائدة للجماعة في هذا الامر مضاعفه فمنها حشد عدد من المحسوبين على الجماعة من الافراد و منها اعطاء تلك الصورة المثالية عن الجماعة التي تفخر دوما بمساعدتها للفقراء.

عن السلفيون حدث ولا حرج, و لكن علينا في البداية ايضاح انه لا يوجد ما يُعرف بالجماعة السلفية, فالسلفية مذهب ديني ينقسم داخله الى افكار متفرعة ينتج عنها فرق و جماعات تختلف فيما بينها في العديد من الامور, و لكن لانهم لا يعملون على ايضاح تلك النقطة نضطر نحن الى جمعهم في سلة واحدة حين نتحدث عنهم, و عليه فلا يمكن وضع الية واضحة في التعامل مع الافكار السلفية خاصة ما يتفرع منها, فمنهم فعلا من ينبذ العنف و يلفظه و منهم من يدعو اليه علانية, منهم من يتحدث عن اجتناب الاخر و منهم من يُحرض ضده و لكن من بين كل تلك التناقضات يتمتع العديدين من اصحاب الفكر السلفي بالقدرة على تشويه اصل الفكرة و تحويرها الى المسخ الذي يخدم مصالحهم, بدءا من ابسط سبل التناقض بين المدخنين السلفيين مرورا بلعبة الخطأ ثم الاعتذار الذي يمارسها شيوخهم وصولا الى الانقسام الزائف بين اعضاء الجماعة الواحدة, في مٌجمل تصرفات ابناء الجماعات السلفية لا يمت السلفيون للفكر السلفي بصله.


يسار بلا يسار.

في حديث طريف جمع اثنين من الاصدقاء المنتمون للفكر اليساري, تبادل الصديقين الاتهامات (على سبيل الدعابة) بين الصديقة التي كانت تعمل لدى منظمة تنموية امريكية و بين الصديق اليساري المنتمى لحزب عُرف باتجاهه الليبرالي, و رغم ان لكل منهم اسبابه منطقية كانت او غير منطقية الا ان الامر يتخطى تلك المحادثة الطريفة بكثير, فواقع الامر ان اليسار المصري هو الاخر استطاع ان يطور افكاره الى الحد الذي طمس به الفكرة الأم ذاتها, و كما يقول احد الاصدقاء نصاً "الشيوعية شيوعية الجيب" او في مقولة اخرى "شيوعي على ماتفرج". خلال تبحري المتواضع بين الافكار الشيوعية لم ارى في حياتي ما يدعو الى انعدام الطموح و الترقي, و لم ارى نصاً في امهات الكتب اليسارية يدعو معتنقي المذهب الى التراخي و الانصراف عن العمل و الاكتفاء فقط بما تيسر مما تجود به الانظمة من عدالة اجتماعية, و لا اظن انه يوجد فيلسوف او مفكر واحد يمكنه ان يدعو الى تلك الافكار, و ان تواجد فلا اظن ان هناك من العقلاء من يستطيع ان يتبنى تلك الافكار, و لكن الحال عند يساريي مصر يختلف قليلا .. كيف ؟؟ اسمحوا لي ان اجاوب على هذا السؤال في الجزء المقبل.

معلومة : قصدت ان اشير الى الجزء المتعلق باليسارية في مصر لسببين, الاول هو اجباري على اكمال المقال و الثاني هو اثارة فضول بعض اصدقائي الاعزاء من اليساريين :)

يا فيسبوك يا
كنت مقتنع مليون في الميه قبل الثورة ان لو جمال مبارك اختار سيدة لقيادة حملتة الانتخابية لازم و لا بد تكون الست دي .. من استيتوساتها و تعليقاتها عندي و عند غيري كنت بحسها المتحدث الرسمي الفيسبوكي عن الحكومة المصرية النظيفة الرشيدة .. و وصل الموضوع ان كتير كانوا بيعتبروها من عيون امن الدولة .. بس يا جدعان بمجرد ما الدفه ابتدت تروح ناحية الثورة و البشاير الحقيقية تبان اتباع جمال و اتباعت الحكومة و ظهرت مره واحده صور في الميدان و لا الكلام اللي يفقع بقى اللي يحسسكوا ان فلانه دي كانت الوحيد في التحرير و هوب مره واحده مش بس بقت بتتكلم عن الثورة زي بنتها لا دي كمان بتعمل ائتلاف سياسي ... يا خي ( انا حقا اعترض) :)


share it

ليست هناك تعليقات:

Facebook Badge