الثلاثاء، 29 نوفمبر 2011

سنه اولى انتخابات

قررت الا انام تلك الليلة .. حينما تأكدت من ان اللجان الانتخابية ستفتح ابوابها في الثامنة صباحا, و بما اني كائن ليلي سيصعب علي الاستيقاظ في وقت مبكر للذهاب الى اللجنة و الادلاء بصوتي في اول انتخابات برلمانية تشهدها مصر بعد ثورة الخامس و العشرون من يناير, و سواء اتفقنا او اختلفنا على اهمية تلك الانتخابات و جدواها من عدمه لا نستطيع ان نختلف على اهمية تلك اللحظة التي اردت ان اكون جزءا منها .. و لي اسباب.

 بعد ان تأكدت للمرة الاخيرة من بياناتي الانتخابية توجهت في السابعة صباحا الى لجنتي بمدرسة احمد ماهر التجريبية بحدائق القبة, كنت امني نفسي بدخول اللجنة بين اوائل الحاضرين و الانتهاء من الادلاء بصوتي في دقائق معدودة من اجل العودة الى منزلي و احتضان سريري الذي افتقدته على مدى تلك الساعات السابقة. ما ان اقتربت من اللجنة حوالي السابعة و النصف صباحا حتى هالني مشهد الطابور الطويل من الناخبين الذى كان يمتد مبدئيا على مسافة تقارب الخمسون مترا, توجهت الى نهاية الطابور لاتخذ مكاني بين الحاضرين, كنت اتوقع اقبالا على صناديق الاقتراع رغم دعاوي المقاطعة التي انطلقت قبيل الانتخابات ببضعة ايام, و لكني لم اكن اتوقع ابدا ان يصل طول الطابور الذي وقفت فيه الي ما يتخطى حاجز المائتي متر قبل حتى ان يأتي الموعد الرسمي لفتح لجان الاقتراع.

 جاء الموعد و لم تُفتح اللجان, فتوجهت الى جنود القوات المسلحة المعنيين بحراسة المدخل الرئيسي للجنة و تساءلت عن سبب هذا التأخير, فجاءتني الاجابة باننا لا زلنا في انتظار الموظفين المسؤولين عن العملية الانتخابية و في انتظار وصول بطاقات الاقتراع و كشوف الناخبين. عدت الى حيث كنت و قد بدأ القلق يتسرب الي و بدا لي سريري و كأنه سراب يعلو الافق. قررت وقتها ان اندمج مع الجمع الغفير الواقف امام اللجنة حتى يمر الوقت . و ساسرد عليكم في نقاط سريعة ما لاحظته من خلال محاوراتي و مناقشاتي معهم :

 1- وقف امامي اربعة شباب اثنان منهما قالا ان صوتهما سيذهب للكتلة المصرية بينما الاخران كان يميلان للحرية و العدالة .. كان حديث الاربعة شيقا و مثيرا و لكنه كان يخلو من اي مشادات او محاولات المقارنة بين تلك الكتل و الاحزاب, و لاحظت انهم على وعي باسماء فلول الحزب الوطني من المستقلين و الاحزاب و اخذوا يحذروا الاخرين من تلك الاسماء كلما سنحت الفرصة.

2- اتسمت نقاشات العامة من الناس بحالة من الرقي في الحوار و لم يشهد الطابور اي حالة من حالات العراك اللفظي او حتى النقاشات الحادة رغم اختلاف الاختيارات بين الاحزاب و رغم اختلاف طبيعة الناخبين في السن و المستوى الاجتماعي و الثقافي.

 3- اتضح لي من خلال تلك المناقشات ان المنافسة الرئيسية ستكون بين قائمة الحرية و العدالة الذراع السياسي لجماعة الاخوان المسلمون و بين قائمة تحالف الكتلة المصرية الممثل للتيار الليبرالي و الوسطي.

 4- تنوعت اسباب الاختيار بين الناخبين فمنهم من اختار لسبب عنصري (ديني) من المسلمين و المسيحيين على حد سواء و منهم من حدد اختياره طبقا لمقاييس خاصة: كمن يتجه للحرية و العدالة لانهم الاكثر تنظيما او لانهم كانوا مثال المعارض للنظام السابق و منهم من قرر اعطاء صوته للكتلة بناء على برنامجهم التقدمي او لمعرفته بطبيعة اعضاء قائمة الترشيح .. و لاحظت ان اسباب الاختيار لم تكن قائمة فقط على الانتماء الديني.

 5- لم يتحدث احد مطلقا عن فكرة مقاطعة الانتخابات, حتى انني ظننت باديء الامر انه لم تصلهم اصلا تلك الدعاوي التي اُطلقت في الاونة الاخيرة.

 6- اردت ان اتبين فكرة ان النتيجة الرئيسية للاقبال على صناديق الاقتراع تكمن في خوف المصريين من الغرامة المقررة في حال عدم الانتخاب, فألقيت تلك الاطروحة باسلوبي امام الناس و انتظرت اتبين النتائج: لاحظت ان نسبة ليست بالكبيرة لا تعرف اصلا ان هناك غرامة مقررة لتلك الحالة, بينما يتراوح الاخرون بين من اتى فعليا من اجل الاختيار و من اجل حقه في تقرير مصيره و بين من اتى فعلا خوفا من تلك الغرامة الكبيرة نسبيا, و ان كانت تلك الفئة الاخيرة تقل نسبيا عن الاولى.

 7- من الثامنة عشر و حتى التسعون .. اصحاء و مرضى .. مقعدين و معاقين .. اصحاب ذقون و شباب عاديون .. اظن انه لم تكن هناك فئة ما من المجتمع المصري غائبة عن هذا المشهد.

 8- اكتشفت ان اغلب الواقفين امام اللجنة كانوا مقررين مسبقا الى اي الاحزاب او المرشحين سيذهب صوتهم, و قد لاحظت من خلال متابعتي لردود افعال الناس حيال الدعاية الانتخابية التي استمرت طوال اليوم, ان رد الفعل الرئيسي هو التجاهل العام, بل لقد كان الناخب يتسلم مطبوعة الدعاية الانتخابية بيد ليلقيها باليد الاخرى على كومة من المطبوعات الملقاة بجواره.

 9- قام المتطوعين من الناخبين بمساعدة جنود الجيش بتنظيم الطوابير الواقفة خارج اللجنة قبيل فتح باب اللجنة بدقائق معدودة.

 10- امتد طول طابور الناخبين امام اللجنة ليشمل ما لا يقاس بالمئات من الراغبين في الادلاء باصواتهم.

  ملاحظاتي عن سلبيات و ايجابيات التنظيم داخل و خارج اللجنة: 

1- استطاع جنود القوات المسلحة تنظيم اللجنة و تامينها خارجيا بكفاءة .. كما لاحظت قدرتهم على امتصاص غضب الجماهير المتذمرة نتيجة تأخر بطاقات الاقتراع.

 2- اكثر النقاط سلبية في العملية التنظيمية هو تأخر بطاقات الاقتراع, و هو الامر الذي حدث في كافة لجان حدائق القبة, فلقد وصلت البطاقات الي لجنتي في الحادية عشر و النصف صباحا.

3- تأخر وصول الموظفين المسؤولين عن ادارة العملية الانتخابية, فبدأ توافدهم من خلال اوتوبيسات النقل العام في التاسعة تقريبا, اي بعد ساعة كاملة من الموعد الرسمي لفتح اللجان, و علمت ان السبب وراء هذا انه على الموظفين تسليم انفسهم لقسم الشرطة اولا ليقوم بتوزيعهم على اللجان و ان كنت لست متأكدا من صحة تلك المعلومة.

 4- عن خرق قوانين منع الدعاية الانتخابية اثناء عملية التصويت فحدث ولا حرج, و كلمة اقولها و الله شهيدي: لقد اشترك اغلب المرشحين من القوائم و الفردي في خرق هذا القانون, و اليكم تفاصيل اسماء القوائم و الفردي طبقا للمطبوعات الدعائية التي لازلت احتفظ بها و التي كانت توزع على الطوابير امام اللجنة:

أ‌- قائمة الحرية و العدالة, و كان لها النصيب الاكبر من كم المطبوعات الدعائية.
 ب‌- قائمة حزب النور.
 ت‌- قائمة تحالف الكتلة المصرية, و قد مثل لي ذلك صدمة حين توقعت ان تلك القائمة التي اعطيتها صوتي لن تشارك في مهزلة خرق القوانين تلك, و لكني فوجئت بعدد من الرجال يرتدون قمصان تحمل شعار الكتلة و قاموا بتوزيع مطبوعاتهم الدعائية على الناخبين. ث‌- قائمة حزب الوفد.
ج‌- قائمة حزب الوعي, و الذي و ضع شعار ائتلاف شباب الثورة على مطبوعاته.
 ح‌- قائمة الثورة مستمرة, و تمت عملية توزيع الدعاية برعاية حزب المساواة و التنمية و الذي وضع اسمه منفردا على ظهر المطبوعة الدعائية للقائمة.
 خ‌- احمد رجب احمد محمد. فئات / مستقل.
د‌- سامح سيد احمد. فئات / مستقل.
ذ‌- احمد السيد رضوان. عمال/ مستقل.
 ر‌- امنية محمود عبد الحميد. فئات / مستقل.
 ز‌- عصام سيف. فئات / مستقل.
 س‌- د.م. محمد عبد الغني. فئات / مرشح الكتلة المصرية.
 ش‌- محمد عصام الدين عباس. فئات / مستقل.
ص‌- عادل عبد الحميد مجاهد. عمال / مستقل.
ض‌- احمد سلامه. عمال / مستقل.
ط‌- عمرو زكي / ياسر عبد الله . مرشحي حزب الحرية و العدالة لمقعدي الفردي.
 ظ‌- شريف شيخون. فئات / مرشح حزب النور لمقعد الفردي.

 5- غابت قائمة حزب الوسط عن تلك الانتهاكات القانونية.

 6- عدد كبير من المرشحين استغلوا سيارات نصف نقل تحمل كم كبير من مكبرات الصوت للترويج لهم امام لجان الاقتراع.

 7- عدد من المرشحين استأجروا اوتوبيسات و ميكروباصات لنقل المرشحين للجان الاقتراع, و قد شمل الامر بعض القوائم مثل قائمتي الحرية و العدالة و الكتلة المصرية.

8- لم تخلو جدران اللجنة و بابها من ملصقات و يفط الدعاية الانتخابية لكافة القوائم بلا استثناء و لاغلب المرشحين على مقاعد الفردي.

9- لم تكن هناك اي عمليات شراء اصوات او بلطجه شهدتها خلال وقوفي في طابور اللجنة على مدى خمس ساعات تقريبا. 10- التنظيم الداخلي كان اشبه بالكارثه نتيجة تدافع الجماهير المتذمرة من تأخر بطاقات الاقتراع و تطوع مندوبي المرشحين و بعض الجمهور لتنظيم طوابير الناخبين داخل فناء المدرسة المقام فيها اللجنة.

11- تواجد رجال الشرطة المدنية للتنظيم الداخلي و لكني لم اشهد تواجدهم داخل اللجنة الفرعية نفسها.

 12- التنظيم داخل اللجنة الفرعية نفسها من حيث ترتيب الاوراق و الصناديق و سرية الاقتراع و حضور القضاة و المندوبين كانت منظمة و مرتبة بصورة جيدة, و ان كان هناك بعض الشكاوى نتيجة تأخر الناس في اختيار مرشحيهم.

 13- لاحظت تغير نوع الحبر عن ذلك الذي استخدم اثناء الاستفتاء الماضي فقمت بسؤال القاضي المشرف على اللجنة فقال ان الاحبار جاءت من الداخلية "مدلوقة" فاضطر الى استعمال الحبر الازرق الشبيه بمساحيق البودرة, و قد لاحظت ان عملية ازالته صعبه و لكنها ليست بالمستحيلة مقارنة بالحبر الفسفوري.

14- لم تكن هناك شكاوي بخصوص عدم وجود اختام على بطاقات الاقتراع.

 ملاحظات اخيرة:

- لمن قال انه وجد بعض بطاقات الاقتراع ملقاة امام الاقسام او اللجان و ممزقة, عليك ان تشاهد الكيفية التي يتم نقل الاوراق بها و ستعلم انه من الطبيعي ان يحدث هذا, فالبطاقات تلف بواسطة افرخ الورق البنية خفيفة الوزن و التي يسهل قطعها و يحملها الموظفين على اكتفاهم للدخول الى اللجنة.

 - لقد كنت في ميدان التحرير كما تعلمون منذ الخامس و العشرون من يناير, و تواجدت فيه منذ الاحد الماضى على اثر الاحداث التي وقعت اثناء فض اعتصام مصابي الثورة يوم السبت, تواجدت يوميا حتى الجمعة الماضية لا لاحتفل في صينية الميدان و لا لاجلس على المقاهي القريبة من الميدان متابعا للاحداث من بعيد بل كنت جزءا من الاحداث نفسها مع الالاف ممن شاركوا اليوم في العملية الانتخابية .. رجاء من بعض ممن نادوا بمقاطعة الانتخابات و اكرر (بعض منهم) و اقصد هؤلاء الذين افترشوا المقاهي حاملين هواتفهم النقالة متابعين الاحداث من خلال التلفاز و التويتر او هؤلاء الذين ظلوا في بيوتهم و ينادون الان بمقاطعة الانتخابات لعدم خيانة دم الشهداء, ارجوهم ان يكفوا عن المزايدة على احد و احترام قرارات الاخرين و احب ان اذكرهم بأن بعضهم قد خان الشهداء قبلا حينما اكتفى بالمشاركات التويترية من على المقاهي بينما كان هناك من يضحى بروحه و نور عينيه من اجلهم .. لم يكن قرار مقاطعة الانتخابات قرار جماعي و لا يمكنكم فرضه على احد كما لا يمنكم اتهام هؤلاء الذين كانوا على اتم استعداد للتضحية بحياتهم بالخيانة لاتخاذهم قرار المشاركة في العملية الانتخابية .. و لا تؤكدوا تلك الصورة التي تولدت عند البعض بأن المقصود من احداث التحرير هو المطالبة بالغاء الانتخابات او تأجيلها ولا تعطوا الناس صورة ذلك الذي ايقن الهزيمة فتحجج بعدم اللعب كما حدث ابان الاستفتاء .. الميدان لنا و لكم و لكل مصري حر.


share it

الخميس، 24 نوفمبر 2011

مش حسبة برما


مش هدي مقدمات كتير و مفيش فيا لا حيل و لا تركيز اني اظبط دباجات و اجمل كلمات ولا الكلام ده كله .. يعني ببساطه و من الاخر دول كلمتين محشورين في زوري و عاملينلي صداع و مغص -  بالاضافه لمغص قنابل المشير الغازيه – هقولهم و اسيبكم تفكروا فيهم براحتكوا بقى.

ليه المجلس العسكري لازم يمشي:

1-  هو احنا اللي قلنا للمجلس يمسك البلد او يتولى الفترة الانتقاليه اصلا ؟؟؟ مش المخلوع هو اللي جابه و ركبه على انفاسنا .. يعني بقى بالذمه ينفع واحد شعبه خلعه يقوم يلبسنا في الحيط بمجلس معمول على ايده و احنا نسكت ..  و اللي يغيظك بقى ان الدستور القديم مفيهوش حاجه اصلا اسمها نقل صلاحيات رئيس لاي هيئه او مجلس بمزاجه!! هتقولي يا عم دي ثوره يعني الدستور لازم يسقط صح ولا ايه؟؟ هرد عليك في النقطه التانيه.

2- ايوه يا سيدي الدستور لازم يسقط .. بس هو الدستور سقط فعلا ؟؟
قلنالهم ثوره يعني تغيير دستور و المطلوب جمعيه تأسيسيه تحطلنا دستور توافقي عدل نمشي عليه .. قالك خلاص نسئل الشعب و راحوا عاملين الاستفتاء بتاع مارس و كان الاستفتاء على شكل عمه ايفوها و ظبطوها و لبسوهالنا صح .. ليه يابن عمي ؟؟ هقولك عشان الاستفتاء كان على تعديل تسع مواد في دستور 71 بتاع السادات و ده معناه ان دستور 71 مش هيسقط و هيتعدل فيه بس بعض المواد .. قعدنا نقولكم قولوا لا للتعديلات عايزين دستور جديد يا خوانا .. قاموا ضحكوا عليكم بالاستقرار و ان لا معناها وقت اسرع و طلقوا علينا اخوانهم و سلفييهم قالك نعم مع ربنا و لا هتوديك النار و كانت النتيجه ان طلع علينا ابو دقن بيضه و عنين خضرا و قالك الصناديق قالت للاسلام نــــعم .. النكته اللي تضحك و تحزن بقى انه بعد التعديل الدستوري اللي كان على مواد بس في دستور 71 رزعونا في نافوخنا اعلان دستوري فيه اكتر من 60 ماده ....
يعني استفتينا على تعديل مواد عملولنا اعلان دستوري .. استفتونا فيهم على 9 و لبسونا الباقي عشان يدوا نفسهم شرعيه مزيفه واخدينا بلعبة تلات ورقات .. و اللي يغيظك اننا لا عملنا دستور ولا الاعلان الدستوري متنفذ منه حاجه و لا الاستقرار ده حصل اصلا ....

3- بمناسبة الاستقرار بقى .. حد منكم يا حلوين يعرفلي كلمة استقرار دي و النبي .. اقولكم انا ببساطه كده الاستقرار ده انواع .. استقرار اقتصادي استقرار اجتماعي استقرار امني .. طيب تعالوا نشوف كده المجلس العظيم قدر يحقق اي نوع من انواع الاستقرار خلال العشر شهور اللي فاتوا .. اولا اقتصاديا : المجلس مخدش اي قرارات حقيقيه تقدر تمنع ارتفاع الاسعار المهول اللي حصل من اول الثوره مقدرش حتى انه يتحكم في وضع سقف معين للارتفاع ده و برغم انه يمتلك اراضي و مزارع و مقومات كتير تساعده على غزو السوق اجباريا و تحديد الاسعار الا انه مفكرش حتى في كده و ساب الناس ضحيه لارتفاع اسعار غير عادي .. في الوقت نفسه محطش اي تصور لحد النهارده للحد الادني و الاقصي للاجور يعني ساب الاسعار تولع و الناس لسا بتاخد ملاليم .. لسا الشكاوى و المظالم من الناس بتوع المعاشات و اللي عايزين يتثبتوا او ترتفع اجورهم متحلش منها قضيه واحده .. اجتماعيا برضه الملس ماخدش اي قرار او حتى توجه لاشعار الناس باهمية وجوده او بأن في ثوره حصلت في البلد كل همها ان الشعب يعيش زي مايستحق دي حتى الزباله اللي ملت الشوارع الاهالي و الاحزاب هما اللي بقوا يلموها .. امنيا بقى حدث ولا حرج و لو جبنا ارقام هنصاب بهلع و عته لما نعرف ان حالات البلطجه و السرقه بالاكراه و الاغتصاب وصلت لمعدلات بشعه و ان السلاح بقى في ايدي الجميع و محدش بيتحرك و ان في اكتر من ربع مليون عربيه مسروقه .. يعني اللي عمالين يزلونا انهم بيحموا البلد مقدروش يحموها من شوية بلطجيه .. هتقولي دي مهمة الشرطه هقولك ان المجلس هو حاكم الدوله و حاكم الدوله دستوريا هو رئيس المجلس الاعلى للشرطه غير ان عندهم شرطه عسكريه فالحه بس تنزل فينا احنا ضرب و اهانه ... يبقى اين الاستقرار بقى يا عزيزي المستقر !؟

4- مصنع الرجال (الجيش) سايب رجالته بتموت على الحدود و حتى مدربش شمروخ من بتوع الالتراس عشان يحميهم .. ده حتى موجهش خطاب شديد اللهجه و طالب باعتذار رسمي (على رأي الجرايد) من الحكومه الاسرائيليه .. لا ده فالح بس يعملي سور حوالين السفاره و لما يرجع سفيرهم اول امبارح يروح وزير الخارجيه يستقبله في المطار .. يعني سفيرهم اهم من وزيرنا !! و معلش يعني تساؤل غلبان كده: لما المجلس يقولك ان المدرعه اتسرقت من ادام ماسبيرو امال لو دخلنا حرب هيحصل ايه ؟؟ حد يقول للمجلس ياخوانا اللي تتسرق مدرعته بكره يتسرق.......

5- قالك الشرطه العسكريه كانت واقفه بتحمي ماسبيرو و هما غير مسلحين .. لا و النبي امال كانوا بيحموا المبنى ازاي بالدعاء على راي باسم يوسف ولا ماسكين نِبَل و لا متوقعين ان منظرهم بس هيخوف الناس .. اظن لو اتكلمنا على ماسبيرو و احداثها هنضطر اننا نعمل جمعيه و نسلف المجلس عشان يقدموا في دوره في"ازاي تكدب و ماتتقفش" .. و قيس على احداث ماسبيرو كل الاحداث الطائفيه اللي المجلس متدخلش تماما عشان يحلها و سابها لرجال الدين و العشائر زي مانكون عايشين ايام قبائل قريش مش في دولة قانون .. و طبعا في الاخر يرميلك المصيبه على الكائنات الفضائيه الخضرا اللي بتلات عيون و سبع ايدين اللي بتنزل من المريخ تضرب الجيش و المتظاهرين و تجري تلحق سفينتها الفضائيه من موقف عبد المنعم رياض.

6- هنفترض ان في طرف تالت يا سيدي .. الطرف التالت ده انت مش عارفه يا مجلس؟؟ لو مش عارفه تبقى مصيبه و يبقى من الطبيعي اقولك شكرا اول على قد كده اتفضل بقى على جنب لانك ماتستحق ادارة البلاد و لو عارفه تبقى المصيبه اكبر لانك اما انك مش قادر تتعامل معاه او انك متواطيء معاه و في الحالتين برضه ماتستحقش ادارة البلاد .. و احب افكركم ان المجلس بنفسه في اكتر من مناسبه قال ان الازمه في فلول النظام السابق (على اساس ان المجلس نفسه مش من النظام السابق).

7- مش في ايد المجلس انه يريحنا من نغمة الفلول دي؟؟ ليه لحد دلوقتي قانون العزل ماتنفذش ؟ ليه قرار المحكمه بمنع ترشح اعضاء الحزب الواطي اتلغى ؟ ليه المحاكمات اللي المفروض كانت تستمر يوميا بقت تتأجل بالشهرين و التلاته و ياعالم هتخلص امتى ؟ ليه لحد دلوقتي ماشفناش حد اتحكم عليه بيومين حتى في قضية قتل متظاهرين او قضية موقعة الجمل اللهم الا امين الشرطه السوبر مان اللي طلع هو اللي قتل كل المتظاهرين و هو اللي اكل الجبنه .. ليه لحد دلوقتي يا مجلس سايب الفلول ينغصوا عليك عيشتك و يخلونا نتهمك ظلما و بهتانا يا عيني ؟؟

8- قمة العبقريه هي اني لو عندي بكره امتحان انجليزي اقعد اذاكر فرنساوي .. بس العبقريه الاكبر هي لما قوى ليبراليه او يساريه تطلب طلب اروح قاعد مع الاسلاميين اقولهم طلباتكم ايه يا بشوات .. و العبقريه الاعظم بقى كمان اني عشان ماقولش اني غلطان في الاعلان الدستوري اللي اتكتب في غفله من الزمن و العقل اروح عامل وثيقه دستوريه لا ليها لون ولا طعم و مش مطلوب منها غير انها تعملنا بلد جوا بلد او على الاقل تصحح غلط سياسي المجلس غلطه .. اما انك مالكش فيها (السياسه يعني) او انك بتلف و تدور و تلعب بينا .. و عملا بقول عبقري العباقره عمرو مصطفى اسمحلي اقولك لا بقى تعلالي في ملعبي هتلاعبني هلاعبك انت في الحالتين لا تصلح لقيادة البلد يا حج.

9- الجمله دي بقى للاخوان اللي باعونا في الميدان .. نصيحه يا حبايبي الانظمه الشموليه اللي زيكم و زي العسكر اول ما بتاكل بتاكل بعضها ارجعوا للشارع و خليكوا مع الناس عشان لو المجلس ركب هتبقوا انتوا اول ركوبه لا مؤاخذه.

10- الجمال يوم موقعة الجمل عدت من ادام الشرطه العسكريه اللي فتحتلهم الطريق و كلنا شفنا ده في التليفزيون .. احداث التحرير و الثوره التانيه دلوقتي حصلت نتيجة امر باخلاء الميدان من 150 معتصم من المصابين و ده قرار سياسي مش امنى يعني كان في ايد المجلس العسكري .. اللي دخلوا فضوا الميدان و رموا جثث المصريين في الزباله و جروا البنات من شعورهم و ضربوا الاموات و ارتكبوا جرايم تحرش جنسي ضد البنات كانوا عساكر شرطه عسكريه .. العيسوي قال انه من يوم الحد و هو مش مسؤول عن الداخليه و انها في عهدة لواء من الجيش يعني كل ده حصل بأمر مباشر من اللواء ده اللي بيمثل المجلس .. الكذب بان و اتفضح لما قالوا مابنضربش اي رصاص من اي نوع على المتظاهرين و كلنا شفنا بعنينا الكلب بتاع جدع يا باشا جت في عين الواد .. القنابل العجيبه اللي صناعها نفسهم حرموا استخدامها مش معقول انها تكون بتتضرب على الناس من غير علم المجلس .. يعني المجلس هو المسؤول الاول عن اهانة المصريين و قتلهم و سحل جثثهم و كل الجرايم اللي شفناها على الهوا في التليفزيون.

11- بالمناسبه الناس اللي بتقول ان الثوار هما اللي بيتحرشوا بالشرطه في شارع محمد محمود عشان يقتحموا وزارة الداخليه احب اقولهم معلومه بسيطه و ظريفه جدا: وزارة الداخلية مش في شارع محمد محمود اصلا .. و الشارع اللي فيه وزارة الداخليه فاضي يعني لو كان حد عايز يقتحم الوزاره كان اقتحمها من اول يوم يا بشر.

12- عجلة الانتاج اللي قرفونا بيها دي بقى مين اللي فساها .. الثوار ؟؟ طيب عملت ايه عشان تحافظ عليها بقى يا مجلس .. طيب عملتوا ايه يا مصريين ياللي ضد بلطجية التحرير ؟؟ و اي بلد محترمه في الدنيا يبقى اقتصادها قايم على البورصه ؟؟ المصريين بيروحوا اشغالهم و التليفزيون انتج مسلسلات جديده و عمرو نزل البومه و المصانع شغاله و السبكي لسا بينتج افلام و لسا الشباب كل يوم على القهوه بيلعبوا بلاي ستيشن يبقى حصل ايه بقى لعجلة الانتاج ما الحياه لونها بمبي اهو يا راجل .. و لو هو اقتصاد البلد متبهدل اوي كده تروح تضرب قنابل غاز في تلات ايام باكتر من 15 مليون جنيه معنى كده انك شاري قنابل جديده ب100 مليون على الاقل .. مش فلوسنا دي برضه يا بيه؟؟

13- دي بقى هسيبها للي في نفسه حاجه و عايز يقولها .. انا ممكن اكون نسيت حاجات كتير بس زهقت و صوابعي وجعتني فكملوا انتوا بقى ..


اظن عرفتوا ليه الغازيه لازم تنزل و المجلس لازم يخلع .. الثوره المصريه ثوره مدنيه خالصه لا هيركب عليها عسكر ولا غيره .. و البلد دي لازم يحكمها ولادها من المدنيين و السلطه لازم تتسلم للمدنيين في اسرع وقت ممكن.

و على غرار يسري فوده في ختم مقالاته:
افهموا و تفكروا يرحمكم الله و يرحمنا معكم





share it

الأربعاء، 8 يونيو 2011

التمرد (2) .. الهيئة المصرية لاستيراد الافكار

ردا على سؤال احدى الصديقات : انت ليه مكتبتش من بدري ؟؟ الاجابة بكل بساطة عزيزتي هي انني لم اعتد التزاحم .. و كما اظنك تعلمين انني لست ممن يتهافتون على الانتشار على صفحات اصدقائهم في كل لحظة و حين بكتابات لا تعدو كونها بضع كلمات كتبت فقط من اجل قول جملة سقطت من دستوري منذ امد بعيد "ها انا ذا" .. انا لا اكتب عزيزتي من اجل نيل الاستحسان و ان كنت لا انكر حاجتي للتشجيع من آن لآخر و انما رغبتي الحقيقية في الكتابة تكمن في رغبتي في التعبير عن رأيي في الموضوع الذي اراه مناسبا في الوقت الذي اراه مناسبا.


الهيئة المصرية لاستيراد الافكار

لكل شيء في مصر طابعه الخاص, و لكل حالة في مصر ترادف و معنى يختلف عما تراه في اي من المجتمعات و الأنظمة الاخرى, هكذا هو حالنا من قديم الازل, ففي مصر عبد الناس حاكمهم و اعلنوه اله, و في مصر يسكن اهلها فقط على سدس مساحة الاراضي المصرية, و في مصر انشيء الازهر الشيعي على ارض سنية فصار منهجا ثالثا, و في مصر استطاع شعبا ان يخلع حاكما استقر على حكمه ثلاثون عاما في ثمانية عشر يوما مستعينا فقط بكلمة واحدة : ارحل. في مصر العديد و العديد من النماذج التي من الممكن الاستشهاد بها للتدليل على انها تضفي طابعها الخاص ليس فقط على ما ينبع من اراضيها و عقول ساكنيها و لكن ايضا فيما يمكن استيراده من الخارج, و من ضمن تلك المستوردات: الافكار.
فلقد استطاع المصريون اثبات قوتهم و قدرتهم ليس فقط على تبني الافكار الجديدة بل على الاضافة اليها و التطوير فيها الى حد يقارب "التشويه", و كما جرت العادة علي ان اوضح اولا انني لست في صدد الحديث عن بعض النماذج الايجابية المتوفرة بالفعل في المجتمع المصري, و لكنني ارغب في الاشارة الى ما اراه غالبا على طبيعة الشعب المصري خاصة فيما يتعلق بالطبقة المستحدثة مؤخرا و المعروفة "بالنخبة". تلك النخبة التي لم تظهر على سطح المجتمع المصري الا في اعقاب الثورة التي حاولوا ان ينهلوا منها قدر المستطاع شأنهم شأن الطفيليات التي تتغذي على افرازات جسد ما و مهما اختلف الجسد لا تختلف مهمتهم في التطفل عليه.
و دون الخوض في المقدمات المسترسلة و الدباجات الادبية, اسمحوا لي ان اتجه مباشرة الى شرح بعض النماذج التي تعرفت عليها و عاصرتها شخصيا.


المتأسلمون.


في مقال سابق كتبته قبيل الثورة المصرية – حمل عنوان "المقنعون" – تحدثت عن هؤلاء الذين يتخفون وراء اللحية و الجلباب و معسول الكلام من الايات المقدسة و الاحاديث النبوية مستغلين تلك الصورة النمطية التي ترسخت في اذهان المجتمع, من اجل الوصول الى اهداف و مآرب لا تمت بصلة بما يتظاهرون بأنهم يعتنقوه من مباديء. و لا يختلف الحال حينما نتحدث عمّن يقتحمون المجال السياسي من هؤلاء, و بطبيعة الحال اول ما يقفز الى الاذهان حين الاشارة الى تلك النقطة: جماعة الاخوان المسلمون, فتلك الجماعة التي تتبنى من المباديء الدينية ما يضعها – كما هو مفترض – في مصاف الجماعات الفكرية السامية, لا تتهاون في التبديل بين المباديء و التخلي عن الاسس الفكرية التي تنظمها في سبيل الوصول الى اهدافها المتعلقة بالشأن السياسي, فلدى الجماعة قدرة خارقة على التلون بين حين و اخر عملا بالمبدأ المنتشر في بعض المذاهب و الفرق الاسلامية و المعروف باسم التقية, ذلك المبدا الذي تبنته الجماعة من يوم انشاءها يتيح لها و لاعضائها القدرة على المتاجرة بالفكرة ذاتها من اجل الوصول الى الهدف, عملا لا يختلف عن مبدأ ميكافيللي بتبريره للوسيلة الدنيئة اذا توفر نبل الهدف و هو الامر الذي لا نجد له محلا نصيا في القرآن او السنة (مع العلم ان مبدأ اباحة المحظور حين الاضطرار لا ينطبق على تلك الحالة), و عليه لا يمكننا ان نشعر بالتعجب الشديد حين تتعارض اقوال افراد جماعة الاخوان بعضها البعض او مع المباديء الفكرية التي قامت على اساسها الجماعة من الاصل, فلقد استطاعت الجماعة على مر تواجدها على الساحة ان تضعنا امام نموذجا جليا يوضح لنا ان اعتناق فكرة ما لا يعني الالتزام و العمل بها فعليا في جميع الاحوال.

و من الاصل تنبت الفروع, فلا يختلف سلوك افراد الجماعة في ممارساتهم الخاصة عما تقوم به الجماعة كمؤسسة, فالزيف واحد في الحالتين فعلي سبيل المثال يتحدث الاخوان دوما عن العدالة الاجتماعية و محاولاتهم الدؤوبة لتوفير الحياة الكريمة للمصريين بينما لا يخجلون حين يستغلون ابناء القرى الريفية في مشاريعهم التجارية الخاصة, فيقومون بتجميعهم بطريقة لا تختلف عن تلك التي نراها في الافلام المصرية القديمة التي تتحدث عن مرحلة السخرة ثم تقوم "بشحنهم" الى العاصمة حيث يتم تسكينهم في شقق صغيرة قد لا تتعدى الغرفتين, لا يأخذون نهاية كل شهر سوى بضع جنيهات اذا ارادوا توفير ما يمكن ارساله الى اسرهم لا يكفي ما يتبقى من اجل ابسط سبل المعيشة. و الفائدة للجماعة في هذا الامر مضاعفه فمنها حشد عدد من المحسوبين على الجماعة من الافراد و منها اعطاء تلك الصورة المثالية عن الجماعة التي تفخر دوما بمساعدتها للفقراء.

عن السلفيون حدث ولا حرج, و لكن علينا في البداية ايضاح انه لا يوجد ما يُعرف بالجماعة السلفية, فالسلفية مذهب ديني ينقسم داخله الى افكار متفرعة ينتج عنها فرق و جماعات تختلف فيما بينها في العديد من الامور, و لكن لانهم لا يعملون على ايضاح تلك النقطة نضطر نحن الى جمعهم في سلة واحدة حين نتحدث عنهم, و عليه فلا يمكن وضع الية واضحة في التعامل مع الافكار السلفية خاصة ما يتفرع منها, فمنهم فعلا من ينبذ العنف و يلفظه و منهم من يدعو اليه علانية, منهم من يتحدث عن اجتناب الاخر و منهم من يُحرض ضده و لكن من بين كل تلك التناقضات يتمتع العديدين من اصحاب الفكر السلفي بالقدرة على تشويه اصل الفكرة و تحويرها الى المسخ الذي يخدم مصالحهم, بدءا من ابسط سبل التناقض بين المدخنين السلفيين مرورا بلعبة الخطأ ثم الاعتذار الذي يمارسها شيوخهم وصولا الى الانقسام الزائف بين اعضاء الجماعة الواحدة, في مٌجمل تصرفات ابناء الجماعات السلفية لا يمت السلفيون للفكر السلفي بصله.


يسار بلا يسار.

في حديث طريف جمع اثنين من الاصدقاء المنتمون للفكر اليساري, تبادل الصديقين الاتهامات (على سبيل الدعابة) بين الصديقة التي كانت تعمل لدى منظمة تنموية امريكية و بين الصديق اليساري المنتمى لحزب عُرف باتجاهه الليبرالي, و رغم ان لكل منهم اسبابه منطقية كانت او غير منطقية الا ان الامر يتخطى تلك المحادثة الطريفة بكثير, فواقع الامر ان اليسار المصري هو الاخر استطاع ان يطور افكاره الى الحد الذي طمس به الفكرة الأم ذاتها, و كما يقول احد الاصدقاء نصاً "الشيوعية شيوعية الجيب" او في مقولة اخرى "شيوعي على ماتفرج". خلال تبحري المتواضع بين الافكار الشيوعية لم ارى في حياتي ما يدعو الى انعدام الطموح و الترقي, و لم ارى نصاً في امهات الكتب اليسارية يدعو معتنقي المذهب الى التراخي و الانصراف عن العمل و الاكتفاء فقط بما تيسر مما تجود به الانظمة من عدالة اجتماعية, و لا اظن انه يوجد فيلسوف او مفكر واحد يمكنه ان يدعو الى تلك الافكار, و ان تواجد فلا اظن ان هناك من العقلاء من يستطيع ان يتبنى تلك الافكار, و لكن الحال عند يساريي مصر يختلف قليلا .. كيف ؟؟ اسمحوا لي ان اجاوب على هذا السؤال في الجزء المقبل.

معلومة : قصدت ان اشير الى الجزء المتعلق باليسارية في مصر لسببين, الاول هو اجباري على اكمال المقال و الثاني هو اثارة فضول بعض اصدقائي الاعزاء من اليساريين :)

يا فيسبوك يا
كنت مقتنع مليون في الميه قبل الثورة ان لو جمال مبارك اختار سيدة لقيادة حملتة الانتخابية لازم و لا بد تكون الست دي .. من استيتوساتها و تعليقاتها عندي و عند غيري كنت بحسها المتحدث الرسمي الفيسبوكي عن الحكومة المصرية النظيفة الرشيدة .. و وصل الموضوع ان كتير كانوا بيعتبروها من عيون امن الدولة .. بس يا جدعان بمجرد ما الدفه ابتدت تروح ناحية الثورة و البشاير الحقيقية تبان اتباع جمال و اتباعت الحكومة و ظهرت مره واحده صور في الميدان و لا الكلام اللي يفقع بقى اللي يحسسكوا ان فلانه دي كانت الوحيد في التحرير و هوب مره واحده مش بس بقت بتتكلم عن الثورة زي بنتها لا دي كمان بتعمل ائتلاف سياسي ... يا خي ( انا حقا اعترض) :)


share it

الأحد، 22 مايو 2011

التمرد


- فجأة قررت ان اكف عن الصمت, لا لأنني ملاك الحق و العدل و لا لكوني مناضل يكره الظلم, و لا لأن قرائي الذين يعدون على اصابع اليد الواحدة في انتظار ممتلىء شغفا لمعرفة ارائي و اطروحاتي عما يدور حولي من امور, لا ليس لكل هذا ولا لأي شيء اخر سوى انني فقط اردت ان اتكلم .. نعم, بكل انانية اصرح بأن ما سيأتي بهذا المقال او ماسيتبعه لا غرض منه سوى ارضائي لذاتي التي ملت الصمت .. لن اهتم تلك المرة بعدد القراء و كبسات الاعجاب و التعليقات المؤيدة او الرافضة, المجاملة او الجارحة, ولا انتظر تأثيرا تحدثه كلماتي على الاخرين ايجابي كان او سلبي فكل الامور سواء .. ان تلك الكلمات لا تعدو سوى كونها محاولة للتمرد .. التمرد على نفسي قبل ان يكون على الاخرين.


1- ملائكة و شياطين ....

ما من تناقض على وجه الارض اوضح من ذلك الذي نراه جليا في العلاقة بين الملائكة و الشياطين, فالقصص الديني و الاساطير الشعبية و حتى الروايات الحديثة تحاول دوما ان توضح مدى التضاد في طبيعة الملائكة من جانب و الشياطين من جانب اخر, بين الابيض و الاسود بين الخير و الشر, بين معسكرين دائمي التناحر على مر سنوات التاريخ البشري. و سواء كانت تلك القصص القديمة عن الملائكة و الشياطين حقيقة ام كانت مجرد تخيلات من صنع البشر حاولوا بها ايضاح الفارق و التضاد و الحرب بين جانب الخير و الشر- تخيلات اظنها صيغت لتوضح مدى التناقض في النفس البشرية لا في المجتمع ككل و قد يكون دليلا على هذا ان ابليس كان في الاصل ملاكا بل كان افضلهم على الاطلاق طبقا لما جاء في القصص الديني و ان الشخصية التي تمثل الشر في الاساطير الدينية القديمة ما هو الا عضو عادي في اسرة الاهية تحول مع الوقت او طبقا لاوامر و اقدار الالهة الى ممثل للشر- فان ذلك النموذج الفارق بين الخير و الشر او بين التناقض و الاختلاف بصورة عامة صار هو المقياس الذي الحاكم لطبيعة علاقتنا بالاخر, و نحن هنا مقصود بها اصحاب فكر او اتجاه ما و الاخر هو ما يختلف عن هذا الفكر و هذا الاتجاه. رغم ان ابليس كان في الاصل ملاكا و رغم ان الخير و الشر ولدوا من رحم الانسانية ذاتها و رغم ان الاختلاف هو طبيعة الفطرة البشرية, الا اننا صرنا لا نقبل هذا الاختلاف بل صار كل منا يتخذ من موقفه موقف الملائكة واصفا ما يتعارض معه بالجانب الشيطاني.
اما ان تكون معنا او ان تكون مع الارهاب, تلك الجملة التاريخية التي القاها جورج بوش الابن بعد عدة ايام من وقوع حادثه 11/9 توضح بجلاء ما اردت قوله من مقدمة حديثي, فلقد اوضح جورج بوش بتلك الجملة ماوصلت اليه الانسانية من قرار في النهاية, اما ان تكون معي او ضدي اما ان تكون ملاكا يرفرف بجناحيه مثلي او تكون مع الجانب الذي سيخلد في النار في نهاية الامر, لا توجد منطقة رمادية لا يوجد تقبل للختلاف لا يوجد حوار, استكمالا للصراع بين من يظنون انفسهم اخيارا وعوا للحقيقة الكاملة المطلقة و بين من يعتبروهم اشرار لمجرد اختلافهم في الطبيعة او الفكر, و هو ايضا حال المعسكر الاخر اذا حلل الامور من وجهة نظره, ففي نظر انصاري انا الصواب ذاته اما المعارضين فينظرون الي نظرة العدو الشيطاني الواجبة محاربته. لن يختلف الامر كثيرا اذا اردنا تطبيق تلك القاعدة على ما يحدث في مصر اليوم من صراع بين معسكرين وضع كل منهما الاخر في منزلة العدو, لا يضيع فرصة دون اصطياد الاخطاء و تكييل الاتهامات, رغم انهم في النهاية لا يختلفون عن بعضهم سوى في الطريقة و الاسلوب.

الاسلاميين و العلمانيين. كلمتان تمثلان اتجاهان صارا هما المحور الرئيسي لكل ما يدور من احاديث على موائد حوار الشعب المصري, في المنازل و المصالح و المقاهي لا صوت يعلو فوق صوت ذلك الصراع.. نعم, صراعا لا هو حوار او مجرد اختلاف, و لم اعد اظن كما كنت في السابق ان هذا الصراع همه الرئيسي هو الوطن او اصحاب هذا الوطن بل ماهو الا محاولة لاثبات الوجود و الحفاظ على البقاء و احكام السيطرة, صراع سُمح فيه باستخدام كافة الاسلحة المشروعة و غير المشروعة, المتاجرة بالدين و دماء الشهداء و جهل العامة و قضايا البسطاء و لا مانع ابدا من تفكيك الشعب بدعوى اصلاحة و تهميش فئة بدعوى توحيد الوطن و لا مانع ايضا من التضحية ببعض الارواح في سبيل الوصول للهدف فكلا المعسكران يؤمنان بأن الغاية تبرر الوسيلة, و الغريب في الامر ان كل معسكر يتهم الاخر بما يمارسه هو نفسه و الادلة على ذلك متوفره و سابدأ في سردها قبل ان يظن احد ان كلامي مرسل لا دليل عليه.

بعد ان بدات الثورة في الاتيان باولى ثمارها حرص كل جانب على سرد دوره و فضائله التي ادت دون شك و دون مساعدة احيانا على نجاح الثورة, بات العلمانيون يؤكدون مرارا و تكرارا على انهم شرارة الثورة الرئيسية و ان لولاهم لما كانت الفكرة من الاصل, بينما بدأ الاخوان المسلمون في سرد بطولاتهم يوم الثامن و العشرون من يناير و يوم "معركة الجمل" و التأكيد على ان لولاهم لما استمر الاعتصام في الميدان و لا استطاعت الثورة ان تحقق نجاحاتها. لا خلاف على ان من حق كل جانب ان يسرد فضائله و لكن ليس من المعقول ان تنكر فضل الاخر و تهمشه بل و تطالبه ايضا ان يعترف فقط بانجازاتك, و من قال ان ارض الميدان استطاعت ان تفرق بين هذا و ذاك و هل كانت رصاصات الامن تستطيع ان تفرق بين الملتحي و غيره ؟ ما اعرفه انه ما من احد يملك الفضل الحقيقي في انجاح الثورة الا هؤلاء الذين لا يعرفون تاريخ الاخوان ولا يفقهون معنى كلمة علمانية او ما يُشتق منها, هؤلاء الذين واجهوا بطش الطغاة و ضحوا بحياتهم لم يكن منهم من يعلق شارة تدل على اتجاهه الفكري او السياسي بل كان اغلبهم لا يعتنق هذا او ذاك. هؤلاء الذين تاجر بدمائهم من يطلقون على انفسهم "النخبة" بينما كانوا يتهمون الجانب الاسلامي بالمتاجرة بالدين و استغلال جهل الفقراء و البسطاء خلال فترة الاستفتاء الماضي, لا فرق بين المعسكرين في هذا الامر فلا الدين امر بقول نعم ولا الشهداء ضحوا بدمائهم من اجل شعبة او زمرة معينة من المصريين, لم ينته حرص العلمانيون على اتهام الاخوان باستغلال جهل البسطاء بينما لم يهتموا بمحاولة توعية هؤلاء البسطاء و محاولة الارتقاء بهم, اللهم الا محاولات بسيطة فردية من قِبل البعض الذين حاولوا قيادة الثورة الحقيقية (ثورة العقول).

بين التخوين و التكفير استمرت تلك الحرب المستعرة حتى فيما تلى اعلان نتيجة الاستفتاء و استمر اصطياد الاخطاء و القاء التهم بين الجانبين, يعيب العلمانيون على الاخوان و السلفيون اتهاماتهم لمعارضيهم بالكفر و مخالفة شرائع السماء بينما لا يعترف العلمانيون بأنهم ايضا يتهمون كل من يعارضهم او يختلف معهم بالخيانة و العمالة, رغم ان العلمانية و كل ما سبقها من افكار انسانية حرصت تمام الحرص على احترام اراء الاخر و الاخذ بها في بعض الاحيان. لا يخفى علينا ان الاخوان المسلمون و السلفيون يضعون النصوص المقدسة في وجه كل من يخالفهم و لكننا لا نريد ان نرى او نصدق اننا نرى العلمانيون يتشدقون بالحديث عن الشهداء و دمائهم ايضا في وجه كل من يخالفهم, نعترض كدعاة للدولة المدنية على استغلال السلفيون لبعض القضايا الهامشية بينما نحاول دائما ان نغذي العديد من القضايا الهامشية فقط لانها تخدم مصالحنا. نتهم البعض بأنهم يعملون جاهدين على اشعال و الابقاء على نيران الفتنه الطائفية بينما نتراقص نحن حول تلك النيران, لماذا؟؟ لان بتلك الطريقه فقط سيعلم الاخرون ان الحل في الدولة العلمانية فلا مانع اذا من التضحية ببعض الارواح المصرية من اجل الوصول لتلك الغاية. نرفض تهميشنا من قِبل بعض التيارات بينما لا نكف عن المطالبة بتهميش فئات اخرى, نطالب باحترام الرأي و العمل على تحريره بينما نسب و نعلن و نتهكم كل يوم على من يعارضنا, نرفض مبدأ احتكار الحقيقة بينما ندعي اننا فقط اصحاب تلك الحقيقة.

ما سبق كان بعض العينات العشوائية مما اراه تناقضا بين القول و الفعل في الجانب العلماني و هو الامر ذاته الذي ينطبق على التيارات الاخرى ايا كانت التسمية, فانا لا احاول ان انصر جانب على حساب جانب اخر فكلاهما عندي سواء في الطريقة و الاسلوب, كلاهما لم يعد يهتم بقضايا الوطن الحقيقية و لم يعد يفكر فقط سوى في مصلحته الشخصية.
و البقية تأتي ......


يا فيسبوك يا
-          الراجل ده حدوته جامده جدا, بحب اتابع استيتوساته اللي بتتعدى الخمسين ستيتوس في اليوم, دايما يحسسك كده انه الاب الروحي للثوره و الثوار بيقعد يدينا في كلام كبير لا حد فاهمه ولا هو نفسه فاهمه و كل يوم و التاني يقولك معادنا التحرير و الواحد لا شافه في التحرير و لا حتى شافه في اللجان الشعبيه ايام الثوره ( مع العلم انه ساكن في الشارع اللي جنبي ) مفيش حد بيقول كلمه او يعمل فيديو غير و يقولك عليه ابني حبيبي و نور عيني ده انا اعرفه من ايام ما كان لسا بيلبس بامبرز .. ربنا يشفي J




share it

الأحد، 20 مارس 2011

ماذا بعد الاستفتاء - (1 ردود الفعل)

اكتب تلك السطور قبل ظهور النتيجة النهائية الرسمية للاستفتاء على التعديلات الدستورية, و ان كانت النتيجة واضحة بغلبة من قالوا نعم على حساب من قالوا لا, و هي النتيجة التي توقعها الكثيرون حتى ممن صوتوا برفض التعديلات, و لكن اغلبهم نسى او تناسى ذلك التوقع ما ان بدأت النتائج الاولية في الظهور, فلم يكن من ضمن توقعاتهم ان تكون النتيجة في بعض اللجان قد تصل الى ذلك الاكتساح بالموافقة على تلك التعديلات. على المستوى الشخصي كان لدي تفاءل او ربما امل في ان تكون النتيجة هي رفض التعديلات رغم انه كان لدي احساس داخلي بأن النتيجة الحتمية هي قبول التعديلات الدستورية.
نتيجة حتمية ؟ نعم .. حتمية. لماذا ؟ لان كل المؤشرات المنطقية في الشارع المصري كانت تتجه بصورة كبيرة صوب قبول التعديلات. لماذا ؟؟ للجواب على هذا السؤال علينا ان نستكشف بعض النقاط التي ادت الى حتمية الوصول الى نتيجة "نعم".

في البداية علينا ان نُفصل و نحدد الطبقات التي ذهبت للتصويت على الاستفتاء السبت الماضي, و بنظرة سريعة على اماكن اللجان و مدى الاقبال عليها سنجد ان تلك الطبقات قد شملت للمرة الاولى في تاريخ مصر كافة طوائف الشعب المصري, مما يعني انه لدينا : عمال – فلاحين – اصحاب المهن اليدوية – التجار الصغار و اصحاب المحال البسيطة – موظفون حكوميون – ربات بيوت – عجائز , كل ما سبق كان من الطبيعي ان يميل لاختيار نعم, ليس فقط بدعوى الدين و لكن هناك سبب اخر حاولنا نحن تناسيه و هو الحال الاقتصادي, فعامل اليومية و الفلاح و الحرفي و التاجر يربطون بين الاستقرار السياسي و بين الاستقرار الاقتصادي, و هو الامر الصحيح بطبيعة الحال و لكنهم لا يعلمون ان الموافقة على التعديلات الدستورية لا يعني بالضرورة حالة استقرار سياسي, و هو ما لم ينتبه له احد من الذين ركزوا كل تفكيرهم على ما سيفعله الاخوان من استغلال للنازع الديني من اجل تحقيق مصالحهم السياسية. فلقد كان تركيز ما يطلقون على انفسهم "النخبة المثقفة" على تحركات الاخوان في الشارع المصري و رغم ذلك وقفوا فقط موقف المتفرج و المحذر احيانا دون ادنى محاولة منهم للتدخل بشكل فعلي لتوعية البسطاء الحالمين باستقرار فوري ينطلق فور اعلان اقرار التعديلات الدستورية, اتخذ هؤلاء النواح و البكاء و الصراخ وسيلة من اجل مواجهة منظومة قوية تعمل على مدى ثمانون عاما من اجل تحقيق اهدافها, استغلوا البسطاء و تفاعلوا مع جهلهم بامور الحياة و الدين و لكنهم ابدا لم ينعتوهم بالعبيد و الجهلاء و الاغبياء كما فعل البعض منا.

نعود الى نقطتنا الاساسية و هي ان نسبة كبيرة ممن شاركوا في الاستفتاء و اختاروا نعم لم يحددوا اختيارهم بسبب قيادة دينية معينة, بل وصلوا الى تلك النتيجة بتحليل منقي "من وجهة نظرهم البسيطة" للأمور. كلمة السر الاستقرار.. و هي التي حددت معالم اختيار طبقات مثل موظفي الحكومة و ربات البيوت و العجائز, لقد رأى موظفي الحكومة ان تلك الحالة من الاستقرار الوهمي او المؤقت قد تساعدهم على استمرار مطالبتهم بتحقيق المطالب الفئوية التي يعتصموت يوما بعد يوم من اجلها, فانشغال الشعب المصري و القيادة المصرية في الدستور الجديد سيكون عذرا حقيقيا تتصدى به الحكومة لتحقيق تلك المطالب, اما عندما نصل الى تلك الحالة من الاستقرار المزعوم فلن تمتلك الحكومة الاعذار التي تمنعها من النظر في تحقيق تلك المطالب. ذات الكلمة "الاستقرار" هي التي دفعت ربات لبيوت و العجائز من الميل الى الموافقة على التعديلات و لكنهم يختلفون فقط في رؤيتهم للاستقرار حيث ينشد هؤلاء الاستقرار الامنى و الاجتماعي رابطين بين ما روج له من حالة الفراغ السلطوي في حالة اختيار لا و بين انتظام حالة الحياة اليومية مثل امن الشارع و انتظام حركة الدراسة في المدارس و الجامعات. كل تلك الأمور لم ينظر لها معسكر "لا" بعين الاعتبار, فانشغالهم كما قلت بالتحركات الميدانية للاخوان المسلمون جعلهم يضعون كل من سيقولون نعم في خانة المُغيب الذي سيتبع اجماع علماء دينه, استخدموا ذات الافكار التي تميز الايدولوجيات الدينية : فكل مسلم يصوت بنعم ماهو الى فرد من قطيع جاهل مشى وراء مستغليه من رجال الدين .. بينما لم تطبق تلك القاعدة على المسيحيين الذين قالوا لا فقط لان القيادات الكنسية اوصتهم بذلك او لانهم ارادوا ان يقفوا في معسكر مضاد للحركات الاسلامية السياسية او السلفية. كلاهما من وجهة نظري لا يملك عقلا حتى يحاسب على تصرفاته.

كل ما ذكر في السطور الماضية لم يتعرض الى الشق المتعلق فعليا بما فعله الاخوان المسلمون, ذلك التنظيم الذي يبلغ من العمر ثمانون عاما قضاها في خنادق الحياة السياسية, تنظيما يعلم جيدا كيف يتصرف و كيف يمكنه ان يحشد الناس في لحظات, مستغلا جهل العامة بأمور الحياة و الدين, لاعبا متميزا على اوتار القلوب الراجية عفو ربهم و رضاه. دعوني اواجهكم بحقيقتين فيما يتعلق بالاخوان المسلمون : الاولى هي ان العديد من المسلمين – حتى الذين قالوا نعم منهم – وقفوا في مواجهة الاخوان و تصرفاتهم في طوابير اللجان بالأمس, الثانية هي انه ليس عيب الاخوان ابدا انهم جهة منظمة محددة الاهداف. بل هو عيب المعسكر الاخر الذي اختار ان يقف امام كاميرات المحطات الفضائية او في الندوات التي لا يحضرها الا صفوة المجتمع, بينما تكبر على النزول الى الشارع ليلتحم بمن قامت الثورة من اجلهم, انا شخصيا لم اساهم في الثورة من اجل البرادعي او نور او موسى او غيرهم, لقد كانت مساهمتي نابعة من قناعتي بأن الشعب المصري كله يستحق ان يحيا حياة خيرا من تلك التي يعيشها, كان محركي الرئيس هو ايماني بمصر قبل ايماني بالعلمانية او الليبرالية.

نعود الى ما حدث من ردود فعل عقب اطلاق النتائج الاولية للاستفتاء, لم يتغير شيئا, و كأننا نطالب الشعب بالتعلم و التطور و لا نطبق ذلك على انفسنا, فلقد انطلقت حالة النواح و النحيب على ما فعله الاخوان و الحزب الوطني و الجيش و رجال الفضاء, و انطلقت الدعوات العجيبة بالعودة الى ميدان التحرير مرة اخرى, هل هذه هي الديموقراطية التي طالبنا بها, ان كنا نتهم الاخوان المسلمون باتباعهم ذات اسلوب الحزب الوطني فعلينا ان نقف امام حقيقة هي اننا نتبع اسلوب الاخوان عندما كان يواجه الحزب الوطني, ذات اللغة تتكرر هنا و هناك. عندما اكتشفنا ان مجالات التزوير في غاية الضعف هذه المرة اتجهنا الى اتهام الاخوان بالتحرك لاستغلال الناس و اللعب على اوتار الدين ثم تمادينا بأتهام المعسكر الاخر من العامة بالجهل و الغباء و الانقياد, عذرا اصدقائي فمن يتهم الاخر بالغباء و الجهل لا يختلف كثيرا عمن يتهم الاخر بالكفر, فكما ان عدو المتدين هو الكافر فان عدو المثقف هو الجاهل, بينما الحقيقة هي ان الدين امر المتدين بالدعوة الى هداية الاخر و الثقافة و الفكر امرا المثقف بأنه عليه ان يفيد الجاهل بثقافته و عمله. لا ان نستخدم نقيضنا كلغة للاتهام و صفة للتخلف.

لا يعيب الاخوان ابدا انهم اتبعوا الاسلوب الذين يعرفونه بل عيبنا نحن اننا اكتفينا بالاضواء و فلاشات الكاميرات و ضجيج المؤتمرات و تركنا – لمن نظن انهم دوننا – الشارع ليقودوه كما يحلو لهم. لا زلنا نقتنع ان مصر هي فقط ميدان التحرير و اصرينا اصرارا عجيبا على رفض فكرة ان مصر اوسع من الميدان و اوسع من القاهرة ذاتها. اكتفينا بعمل فيديو على اليوتيوب لا يستطيع ان يشاهده سوى من يملكون القدرة على ذلك و نسينا ان نصف الشعب المصري يخطيء في كتابة اسمه, اكتفينا بمحاورة من هم مثلنا و اعتبرنا العامة عبئا على المثقفين و كأن هؤلاء قد هبطوا على مصر من كوكب عطارد او خرجوا من احد كتب الاساطير, اتهمنا شعبنا بالجهل و التخلف و اكتفينا بنشر دعاوى لمليونيات على الفيسبوك. ليس خطأ الاخوان انهم استطاعوا ان يصلوا الى الشارع و ليس خطأ العامة انهم قاموا بتحليل الموقف من خلال نظرتهم البسيطة, بل ان الخطا كل الخطأ في هؤلاء الذين حتى الان لم يتعلموا من الدرس.

نعم .. لقد قدم لنا الشعب المصري يوم السبت درسا يجب ان نستفيد منه اقصى استفاده, حتى و ان كانت النتيجة عكس ما اردناه فعلينا ان نحترم ارادة هذا الشعب الذي خرج للمرة الاولى في تاريخه الحديث ليدلي بصوته, صوتا هو يعلم جيدا انه سيغير, صوتا نابعا من الحرية, اولى خطوات الحرية هي ان تقوم من بيتك لتقف في طابور لساعات تحت اشعة الشمس القاسية لتدلي بصوتك, من كان يظن يوما ما ان ذلك كان من الممكن ان يحدث, ان الشهداء الذين يتاجر بدمائهم البعض حتى الان لم يستشهدوا من اجل نعم او لا بل استشهدوا من اجل تلك اللحظة التي خرج فيها ملايين المصريين مقتنعين لاول مرة ان مصر اصبحت بلدهم و ان عليهم واجبا وطنيا ليهم ان يؤدوه, ان كنا نقيس نجاح لثورة في انتصار معسكر على معسكر اخر فاني اقيس نجاحها بتلك اللحظة التي وقفت فيها بين جموع المصريين للادلاء بصوتي. ان ما حدث لم يكن هزيمة لمعسكر او فكر بل هو درس علينا ان نستعيده دوما لنتعلم منه, علينا ان نخرج من القاعات المكيفة الى الشارع, علينا ان نقدم للناس ما يحتاجونه حقا, علينا ان نحدثهم باللغة التي يفهمونها دون التفاخر و التباهي ببضع مصطلحات تعلمناها من الاخرين. ان نتيجة الاستفتاء ليست نهاية مطاف بل هي بداية حياة جديدة لمصر ..
share it

الأربعاء، 16 مارس 2011

الشارع لمين ؟؟

"هو ميدان التحرير مش مكتوبله ينضف بقى!! " كانت تلك اولى كلمات سائق سيارة الاجرة التي كانت تقلني من وسط المدينة الى منزلي يوم الجمعة الماضية, توقعت ان تلك الجملة ماهي الا افتتاحية بسيطة لهجوم على الثورة سيعقبه نقاش لن ينتهى الا بنزولي من السيارة, فأثرت الصمت منتظرا منه ان يُكمل هجومه, و لكنه صمت قليلا ثم نظر الى المرآة و كأنه يريد ان يتأكد من انني لست نائما ثم قال منبهاً "انا منزلتش من يوم التنحي خلاص قلت كده كفايه", ليس من المعارضين للثورة اذا. اعتدلت في جلستي قليلا لأظهر انتباهي لما يقول فبدأ في سرد نوادره عن ايام الثورة و كيف كان يزور الميدان يوميا ليمد اقربائه المقيمين في الميدان بالأطعمة و البطاطين, و بدا عليه الفخر حينما تحدث عن تواجده يوم موقعة الجمل الشهيرة و مواجهته للهجوم مع من واجهوا, اردت ان اقاطعه مستغلا تلك النقطة لاسأله سؤالا اخذ يرن في رأسي منذ بداية حديثه فأخبرته انني لم انل شرف حضور تلك الواقعة لانني غادرت الميدان صباح الاربعاء قبل الهجوم, و قبل ان يتحدث ثانية عاجلته بسؤالي: ان كنت قد شاركت في الثورة و عن اقتناع, فلماذا اذا لا ترضى عن تواجد المتظاهرين الى اليوم ؟

اجابني بقول معناه ان المسألة قد تخطت ميدان التحرير, ثم استرسل في قص حواديته قبل ان يعطيني الفرصه لمناقشته في تلك الجملة, فظل يتحدث عن يومياته الثورية ثم عن الظلم الذي تعرض له احد اقربائه قبيل الثورة و انتهى به الحديث عن مواجهته لزوجته لاقناعها ان وائل غنيم ليس ماسونيا, و ان كان, فانه ليس الثورة. و كما توقعت لم يتوقف عن الحديث الا عندما طلبت منه التوقف بالسيارة لوصولي الى حيث اريد. اعادت كلمات هذا السائق كل الجدليات و النقاشات التي اتعرض لها يوميا في كل مكان, فلا صوت يعلو في مصر فوق صوت ثورة مصر, تلك النقاشات - التي لا يوجد بين اطرافها ناشط سياسي, او مدون و كاتب فيسبوكي ولا حتى اعضاء في احزاب- شديدة التنوع و الثراء, و لقد اثبتت بالنسبة لي ان الشعب المصري يريد حقا ان يفهم و ان يشارك في الحياة السياسية حتى او كان وعيه لم يكتمل بعد.

قد لا يتسع الوقت لاقص عليكم المزيد مما تحتويه تلك النقاشات و لكنني ساحاول التعرض الى بعضها بأختصار من اجل ايضاح الغرض الذي ابتغيه من هذا المقال.

"الناس دي مش هتهدى غير لما كل واحد يمسك وزاره بقى" بينما ينفث من انفه دخان الشيشة, نطق احد مرتادي المقهى الواقعة تحت منزلي بتلك الجملة معلقا على المظاهرات التي كانت تطالب بأقالة شفيق الاسبوع قبل الماضي, و ما ان تحولت الاخبار لتتعرض للاعتصامات الفئوية نظر الي و قال "اهو دي المطالب المعقوله .. لما حد يطلب ان مرتبه يزيد او يتثبت في شغله اهم, ولا انه كل شويه يقولك نغير وزاره اهم؟ ولا انت رأيك ايه يا باشمهندس؟؟" قال الكلمات الأخيرة ليدعوني الى نقاش كنت اتلهف اليه منذ ان قال تعليقه الاول على الاحداث, و خلال نقاشنا اكتشفت ان وجهة نظره صحيحة اذا وضع احدنا نفسه مكان الرجل, فلقد استطاع ان يصل الى استنتاجاته من خلال قراءته و تحليله الشخصي للأحداث, قد يكون مخطيء و لكنه على الاقل حاول و اتخذ جانبا من النقاش لا ينم عن مصلحة او غاية شخصية.

بالصدفة البحتة استطعت ان استمع اليها و هي تصلي, هي .. سيدة عجوز تحولت من اهتمامها اليومي باحتياجاتها الشخصية البسيطة الى اهتمام دائم و مستمر بحال الوطن الذي يسطر صفحة جديدة في تاريخه, كُتب لها ان تكون شاهدا على تلك الصفحة. فوجئت عند اكتشافي انها تعلم الكثير, فوجئت اكثر من قدرتها على تحليل المواقف, دُهشت عندما رأيتها تقدم كل ما تستطيع من اجل الوطن .. الدعاء. فبعد اتمامها شعائر الصلاة شرعت في الدعاء, لم تدعو لنفسها او ابنائها, لم تدعو لصلاح حال المسلمين او لتنال زيارة للاماكن المقدسة, كان دعاءها مُنصب فقط على مصر. فتلك السيدة العجوز التي لم يكن في استطاعتها بطبيعة الحال ان تقف في مظاهرة, و لن يأتي اليوم الذي ترتدي فيه افضل ملابسها لتقف امام كاميرات التليفزيون او لتجلس على منصة حوارية تتحدث فيها عن الثورة و مكتسابتها, و لا تبتغي بالتأكيد منصبا في جمعية او حزب. كل ما تريده و تبتغيه هو مصلحة الوطن الذي تعيش على ارضه و تأكل من خيراته, رأت ان كل ما تستطيع ان تقدمه من مساعدة للوطن هو الدعاء, و لم تتأخر لحظه واحدة في تقديمها تلك المساهمة.

اعلم عنه تدينه الشديد, فلا يترك فرضا و لا يستطيع ان يفوت فرصة الاعتكاف في المسجد اواخر شهر رمضان, هو في رأيي يمثل صورة المتدين الوسطي, فلا تفارق شفاهه القفشات و النكات و لا يعامل المسيحيون معاملة تختلف عن اصدقائه من المسلمين, يؤمن بضرورة اقامة دولة يحكمها شرع الله و لكنه مقتنع في الوقت ذاته انه لا يوجد من البشر من يمكنه ان يطبق تلك الشرائع, و عليه فانه لا يرى ضرر في تطبيق القانون المدني الوضعي لحين تهيئة المجتمع لوضع يتناسب مع حكم شريعة الاسلام (من وجهة نظره). رغم انه جارى منذ سنوات عديدة الا ان علاقتي به لم تتوطد الا مساء الخامس و العشرون من يناير عندما كنت عائدا من الميدان بعد منتصف الليل, ندم الرجل على عدم مشاركته في الثورة يدفعه بحماس و جموح الى محاولة تقديم ما يمكنه تقديمه من اجل الحفاظ عليها, دائم السؤال لرغبته في الفهم و الاستيعاب. قد يظن ان البعض ان مثل هذا النموذج قد يندفع وراء الاخوان نظرا لانهم الممثلون للتيار الديني السياسي, و لكنه ادهشني عندما اقر في اكثر من مناسبة انه لا يرى في الاخوان ممثلا يستحق ان يقود مصر في اي من المراحل, فعدم اقتناعه بهؤلاء الذين يتخذون من الدين ستارا من اجل تحقيق مآربهم جعله يؤمن بضرورة الوصول الى حكم ديموقراطي حقيقي في البلاد. يقدم ها الرجل صورة مغايرة تماما لتلك التي يظنها من يطلقون على انفسهم نخبة في الشارع الثقافي السياسي.

تقودني تلك النماذج البسيطة الى التفكير فيما اوصلتنا اليه الثورة حتى الان, اولى و اهم مكاسبها .. صحوة المصريين و اهتمامهم بالشأن المصري للمرة الاولى في تاريخهم. و تقودني ايضا الى الاعتراف بأن دور النخب و المثقفين لم يرتقي الى المستوى المطلوب حتى الان, فلم يكن هؤلاء على قدر المسؤولية التي تؤهلهم لقيادة الشارع المصري المتلهف لمعرفة حقائق الاحداث. فالاحزاب المصرية المترهلة لم تحاول ادنى محاولة للوصول الى رجل الشارع العادي, بينما ينشغل اصحاب المنظمات بالحوار و المشاورات فيما بينهم او البحث عن تمويل خارجي بينما يحتسون الشاي و القهوة منتظرين للديموقراطية ان تصل اليهم داعية لهم لارتقاء المناصب و المراكز, في الوقت الذي يقترح فيه المثقفون رأيان لا ثالث لهما اما ان يُعدم المثقفون ليرتاح منهم العامة او العكس دون النظر الى وجود حل ثالث و هو ان يندمج هؤلاء "المثقفون" مع الطبقات العامة من الشعب الذين يمثلونه كما هو مُفترض.

ذلك السائق الذي تعرضت له في بداية المقال لم يشارك في الثورة المصرية جراء دفعه من خلال الفيسبوك .. رجل الشيشة على المقهى لم يكون وجهة نظره بعد خروجه من لقاء جماهيري جمعه و من معه بأحد القادة او النخب .. تلك المرأة البسيطة لم و لن تكون عضوة في احدى منظمات المجتمع المدني .. اما جاري العزيز فعهده بالسياسة بدأ فقط يوم التاسع و العشرون من يناير ( على حد قوله ) . كل من هؤلاء يحمل رؤية و جهة نظر يجب ان تحترم كما يجب ان تُستغل من اجل النهوض و الرقي بهذا المجتمع, فقط الاخوان و السلفيون يستطيعون الوصول الى هؤلاء, اما غيرهم فلم يعد يملك سوى البكاء و النحيب على الفيسبوك خوفا مما يفعله الاخوان و السلفيون في الشارع المصري .. دون تحرك يذكر ؟ نعم دون اي تحرك يذكر.

فالتحذير من المنشورات التي تقوم الجماعات الاسلامية بتوزيعها من اجل حشد الافراد لا يعد تحركا ايجابيا .. اعلان الوصاية من مجموعة من الافراد على الشعب المصري دون النزول للشارع و مخاطبة افراد هذا الشعب لا يعد ايضا تحركا ايجابي .. الدعوة الى مليونيات من خلال الفيسبوك فقد ايجابيته مع الوقت .. المحاورات و المشاورات الداخلية بين اصحاب الفكر الواحد دون الاحتكاك بالأخر لن يكون ابدا تحركا من اي نوع .. رغبة المثقفون و "النخب" في الانعزال عن الشارع المصري هو قمة التخاذل و السلبية .. الشارع المصري اصبح في لهفة و شوق للمعرفة و التواصل مع كل التيارات السياسية, اصبح يبحث بنهم شديد عن الحقيقة.

لقد قامت الثورة المصرية من الشعب و من اجل الشعب, و لأجل هذا الشعب علينا ان نتواصل معه و ان نتحمل تساؤلاته و شكوكه و ان نأخ بيديه من اجل الارتقاء به و تحقيق الهدف الرئيسي للثورة و هو التغيير الجذري .. و قتها فقط نستطيع ان نقول و بكل ثقة ان الشارع لنا.



share it

الثلاثاء، 1 مارس 2011

الثورة .. الفيسبوك .. و نظرية "لا الرأي ولا الرأي الاخر"

كما هي العادة لا يمكن ان يتفق الجميع على شيء واحد, فلقد اختلف البشر فيما بينهم منذ بدء الخليقة على كل ما تحتويه الحياة من عناصر و مكونات, بدءا من فيلم سينمائي او اغنية عاطفية وصولا الى الاله ذاته. و كان من الطبيعي ان يختلف المصريون على تقييم نتائج الثورة المصرية, فلا يمكن بأي حال من الاحوال ان نجزم ان جموع الثمانون مليون مصري قد اجمعت على نجاح ثورة الخامس و العشرون من يناير من عدمه, هذا لو افترضنا جدلا انه يمكن الحكم فعليا الان على نتائج تلك الثورة التي لا تزال تخطو خطواتها الاولى نحو تحقيق اهدافها الحقيقية.

فهدف الثورات الحقيقي لا يمكن ان يكمن فقط في القضاء على نظام ظالم او فاسد, فالثورة التي لا تستطيع بناء نظام اصلح و اقوى تعد من وجهة نظري ثورة قاصرة او ما قد يصطلح عليه البعض "نصف ثورة", و ان كنت اختلف مع البعض في تعريفهم لذلك المصطلح, ممن يعتبرون ان مهمة الثورة هي القضاء التام و النهائي على نظام فاسد و ما يتبعه من افراد, و هو الامر الذي لا يمكن تحقيقه عمليا, فلا يوجد مجتمع على وجه البسيطة لا يعاني من وجود فساد, حتى تلك المجتمعات التي تنعم بالاجواء الديموقراطية الحقه. فالفساد طبيعة بشرية, انكارها يعني انكارنا لكل الجوانب السلبية في النفس البشرية, و لذلك فإن المهمة الاكثر اهمية للثورات هي خلق مجتمع و نظام قانوني يستطيع ان يحكم الفساد الاداري و الفردي. و لا تزال الثورة المصرية تحاول ان تتم خطواتها الاولى في القضاء على رؤوس النظام المخلوع رئيسه و بالتالي فإن الحكم عليها سيكون حكما ناقصا ظالما بطبيعة الحال.

كما انه لا يمكننا ان نغفل العنصر التاريخي الذي يحكم ذات الحكم على الثورات, فما من ثورة في التاريخ الانساني امكن الحكم على نتائجها بعد ايام معدودة من قيامها و قبل حتى ان تتم مراحلها. و الامثلة على ذلك لا تُعد ولا تُحصى بكل تأكيد, فالثورة الفرنسية ( 1789 ) و التي اقامت الجمهورية الفرنسية الاولى في التاريخ الفرنسي و الاوربي بصورة عامة و كانت بذرة للافكار الجمهورية فيما تلى من ثورات, يعتبرها البعض ثورة غير ناجحة بكل المقاييس خاصة عندما انتهت على يد نابليون بونابرت باعلانه الامبراطورية التوسعية الاولى ( 1804 ), و رغم ذلك لا يزال يرجع الفضل فيما وصلت اليه فرنسا اليوم كنموذجا للمجتمع الديموقراطي الراقي الى تلك الثورة التي قام بها العامة الفرنسيون. و يقودنا ذلك التحليل البسيط الى النتيجة ذاتها من الفقرة السابقة, فانه لا يمكن بأي حال من الاحوال الحكم على ثورة لا تزال مشتعلة و ستظل..

كان لابد لي ان ابدأ بتلك المقدمة الطويلة نسبيا رُغم انها لا تتعلق بصورة مباشرة بما سأناقشه معكم في هذا المقال, و لكنها في الوقت ذاته محورا لما اثارني لأخرج عن الصمت الذي لازمني طوال ايام لثورة, و محورا رئيسيا لمناقشات المصريون في البيوت و المقاهي و بالطبع الفيسبوك.

لن اتحدث كثيرا عن طبيعة الاختلاف بين المصريين في الشارع عن مراحل او نتائج الثورة, بل سيكون محور اهتمامي هو تلك المجادلات التي تابعتها على الفيسبوك بين من كانوا يظنون انفسهم اصدقاء. و لكن دعوني في البداية اروي لكم بعضا مما عاصرته بنفسي من نقاشات في الشارع المصري و بعدها سنتطرق الى المناقشات الفيسبوكيه و لذلك حكمة سأعرضها عليكم في نهاية المقال. اقرب تلك النقاشات ما يدور بصورة شبه يومية بيني و بين اصدقائي و جيراني, منهم المعارض و المؤيد بطبيعة الحال, و لكن المعارضون خرجوا من نطاق معارضة الثورة الى معارضة استمرارها بصورة او بأخرى او معارضة لتعامل القائمين عليها مع الاوضاع الحالية بطريقة او بأخرى, فلقد لاحظت ان القليلين فقط من عامة الشارع المصري يقفون في جانب معارضة الثورة من اساسها خاصة بعد ما ظهر من قضايا فساد مالي و اداري تزكم لرائحته الانوف, و حتى المؤيدون لاستمرارية الثورة يختلفون فيما بينهم على طبيعة منهجية الاستمرار هذا. و لكن ما لاحظته هو طريقة التعامل بين المؤيدون و المعارضون على جميع المستويات, لاحظت صورة من الرقي و التفاهم رغم الاختلاف, فلم اسجل في ملاحظاتي الشخصية حالة من حالات تحول النقاش الى تشابكات باللفظ او الفعل رغم اختلاف طبيعة الطبقة المادية و الثقافية و الاجتماعية بين مَن ناقشتهم مِن مؤيدون و معارضون. و هو الامر الذي لم الحظه في مناقشات يُفترض انها اكثر رقيا و ثقافة بين من يعتبرون انفسهم راقين مثقفين من رواد موقع التواصل الاجتماعي " الفيس بوك " .

فذلك الموقع الذي كان اعضاءة يتفاخرون بأنهم منظمي الثورة المصرية, و بأنهم خيرة من انجبت مصر, يقفون الان – من وجهة نظري – وقفة مخزية على جانبي صراع لم يعد له سبب منطقي, و ان كان الاختلاف في الرأي ظاهرة صحية نحن في اشد الحاجة اليها الان, الا ان الاختلاف الذي وصل اليه من اعرفهم على الفيس بوك لا يمكن بأي حال من الاحوال ان يُعد ظاهرة صحية, بل هي ظاهرة تدعو الى الاشمئزاز من اسلوب الحوار المتدني اللااخلاقي بين مُدعي الرقي من الجانبين, و ان كنت غير مقتنع بطبيعة النقاش ذاته حول نجاح او فشل الثورة المصرية لما ذكرته من اسباب في بداية المقال الا انني اقف مع الحوار بصورة عامة, فتلاقي الافكار حتى و ان كانت على جانبي النقيض هو الامر الذي يمثل الديموقراطية التي نبتغيها و التي لا اظن ان هناك شخص سوي قد يعترض عليها, فلم يكن لدي اية مشكلة مع هؤلاء الذين خرجوا الى ميدان مصطفى محمود – الصادقون منهم غير المأجورين - يوم الاربعاء 2 فبراير للتعبير عن رغبتهم في الاستقرار او حتى بقاء مبارك, فمادمنا ننادي بحرية التعبير علينا ان نحترم حرية الاخرين في التعبير عن ارائهم, اما عندما تحول التعبير عن الرأي الى التحام مجموعة من البلطجية المأجورين مع الشباب المعتصم في ميدان التحرير كان على موقفي ان يتغير رغم الاحترام الذي لا زلت اكنه لكل من قال رأية بحرية و عن اقتناع حتى و ان كان يخالفني هذا الرأي. و لا يختلف موقفي هذا مع من يتبعون ذات الاسلوب من الجانب الاخر الذي اُحسب عليه ( الثوريون ) , فحريتك في التعبير و الرأي لا تعني تعديك على حرية الاخرين في التعبير عن نفسهم و عن معارضتهم لرأيك, و هو الامر الذي لا يتعلق في النهاية بمؤيد او معارض او مخالف بصورة عامة, بل للاسف يتعلق بطبيعة و ثقافة نسبة كبيرة من الشعب المصري على كافة مستوياته و اختلافاته.

و هو ما تبين لي من خلال متابعتي لما لا استطيع ان اطلق عليه لفظ نقاش, اقربها كان بالامس عندما قرأت " حوارا " دار بين مجموعة من الاصدقاء على الفيس بوك, حوارا اقل ما يقال عنه هو انه بعيد كل البعد عن ابسط قواعد الاحترام و الديموقراطية و حتى الانسانية, فلقد خلع هؤلاء رداء الثقافة و التحضر لتظهر طبيعة مخيفة لا تختلف عن طبيعة هؤلاء الذين لا هم لهم سوى "جر الشكل" في الحارات و الازقة المصرية, حوارا يفتقر الى الموضوعية و التحضر و المنهجية في النقاش, ناهيك عن ما ذكرته في السابق من ان الوقت لا يزال مبكرا جدا لمناقشة نتائج الثورة المصرية, اخذ كل جانب من المتحدثون على عاتقه مهمة تبرير موقف لا يحتاج في الاصل الى تبرير, تحول مع الوقت الى شخصنة للامور و سباب مُخجل, لينتهي بطبيعة الحال الى ما يسمى بـ " الردح و فرش الملاية" على حد تعبير المصريين. و رغم موافقتي بطبيعة الحال لاتجاهات بعض منهم اتفاقا لا يحمل مجالا للشك الا ان اخلافي مع هذا الاسلوب اللااخلاقي اختلافا لا يحمل مجالا للشك ايضا, كلاهما مخطيء و كلاهما مذنب, كلاهما لا يزال امامه الكثير حتى يتعلم ابسط قواعد الديموقراطية و احترام الاخر, و كلاهما يؤمنون بنظرية ساعد على بناءها نظام فاسد بكل المقاييس, نظرية " لا الرأي ولا الرأي الاخر " .

ان ما قرأته في الايام الماضية من نقاش تحول الى سب لا يرتقى لما نشاهده في الاسواق المحلية في الشوارع المصرية, هو امرا يبعث على الحزن و الخوف على مستقبل مصر, فان المستقبل الحقيقي لهذا الوطن لا يكمن فقط في التغيير الرأسي لنظام فاسد او ظالم, بل ان الثورة الحقيقية هي ثورة افقية تهتم بتغيير سلوك المجتمع تعمل بالتوازي مع تلك التي تعمل على تغيير المظلة المجتمعية التي تساعد على تقدم افراد الشعب و رقيهم, و هو الامر الذي لن يتحقق ابدا اذا كانت تلك هي صفات من يظنون انفسهم متحضرين .. مثقفين .. فوق العامة, بل ان العامة في الشوارع المصرية صارت ارقى و اكثر وعيا منهم, فعلى الاقل لم يعد العامة يكيلون لبعضهم الشتائم و السباب حين يختلفون في الرأي .

لقد قامت الثورة و انتهينا على حد تعبير المصريين, و لم يعد هناك مجالا للنقاش فيما قبلها, و لا يزال الامر باكرا للحديث عن نتائجها, دعوها تعمل دعوها تمر دعوها تستمر, و من يريد منكم حقا ان يقدم شيئا لمصر فعليه ان يتناقش في جو ديموقراطي مبني على احترام الرأي الاخر من اجل الوصول الى الاهداف التي ستعم بالخير و الحرية على المجتمع المصري كله, و ان كنتم غير قادرين على احترام انفسكم و الاخرين فالافضل لكم و لنا ان تصمتوا, ففي صمتكم وقتها كل الخير ....



share it

Facebook Badge